الإتحاد العربي بين الأردن والعراق عام 58
من المفارقات العجيبة الغير قابلة للتفسير ان من أعلن الثورة العربية تحت شعار القومية وباسم الأمة العربية كما قيل بوعد من البريطانيين كي يكون ملكا على بلاد العرب لم يربي ابناءه على هذه المباديء فقد كانت كل من العراق والأردن وقبلهما سوريا تحت حكم ابناء الشريف مدعي القومية او المتستر بالقومية لإنهاء الخلافة .
فالعراق كانت تحت حكم فيصل ابن الشريف حسين والأردن تحت حكم عبدالله ابن الشريف حسين ايضا
ولست ادري ما اللذي حال دون ان يكونا دولة واحدة وخصوصا ان كلتيهما على الورق من المفروض انه مستقل منذ العشرنيات .
بالطبع لذرء الرماد في العيون كانت تعلن بين حين وآخر مشاريع لهذا الإتحاد الهاشمي بين ابناء الشريف منذ عام 41 وحتى عام 56 وكنها لم تعدو كونها اعلانات ربما فقط للدعاية الإعلامية او للتأصيل للإنقسامات وتسهيل انفاذ المؤامرات البريطيانية على الدولتين وتغييب اي مفكر قد يتسائل هذا السؤال ،،، فالشعور القومي والإسلامي في وقتها كان على أشده فالناس حديثي عهد بالفرقة بل يرون انهم في داخلهم قطر واحد كالجسد الواحد وان ظروف الإحتلال هي التي تصنع هذه التفرقة .
ومن هذا الباب كانت هذه المشاريع الوهمية لإمتصاص هذا الشعور عند الناس في حين يكون العمل جاريا على الأرض ودؤوبا لتأصيل حدود سايكس بيكو .
كانت هذه الإعلانات الوهمية هزيلة لدرجة انها لم تحفر في ذاكرة التاريخ ،وبقيت مجرد اوراق ،الا ان آخرها كان لها صدى اعلاميا أكبر لأن القرار البريطاني صدر برفع الحرج عن ابناء الشريف وأحفاده بأن يزول الحكم الهاشمي في العراق ، ليس عداء للهاشميين بل انتهاء لمهمتهم التي بدأوا بها بمساعدة بريطانيا كي لا يُشكل هذا الإمتداد على حدود فلسطين العميق الجبهة خطرا على الكيان الناشيء في حالة عمت الصحوة الشارع العربي وفقه حقيقة ابناء الشريف ولكي يكون هناك عداء بين النظام المزعوم انشاءه في العراق والنظام الموجود في الأردن بدافع قبلي ، فهو الوحيد الباقي من ابناء الشريف .
المهم تم الإستعراض المسرحي من الملك الملمع حديثا بقرار تعريب الجيش ،وهو الصبي الحسين ابن طلال ، الذي تم تلميعه بهذا القرار اقصد قرار تعريب الجيش وإقالة كلوب باشا ، الصهيوني الإنجليزي الذي كان يشغل قائد الجيش العربي حتى عام 56 ، وتكلمة لتلميعه لأنه سيناط به الدور الأكبر في انفاذ مخطط الصهاينة في المرحلة القادمة كما سيأتي ذكره لاحقا ، قام هو بدعوة ملك العراق وقتها الملك فيصل بن غازي الذي كان لا يزال حدثا ، والوصي على العرش عبدالإله ، وخلال يومين كان اعلان الوحدة بين العراق والأردن .
وفي بيان الوحدة الكثير من الشعارات التي تسلب عقول الحالمين بالوحدة والثأر من اليهود والإنجليز في اخطر قطرين على اليهود من الناحية التاريخية ومن الناحية الإستراتيجية بعمق جبهتها وطول الجبهة مع الكيان الغاصب وفي نفس الوقت ضيق جيهة العدو في هذا الباب ،
فالمسافة بين اقصى نقطة على حدود الأردن وأقصى نقطة على غرب فلسطين لا تتعدى سبعين كيلو مترا .
فلو ملك اليهود وقتها قنابل ذرية وسارت جيوش البلدين بالسلاح الأبيض فقط لبلغ ثالث او رابع صف من الأمواج البشرية من العراق والأردن البحر خلال ايام والقوا اليهود فيه .
في حين خلا هذا البيان من الخطوات العملية في ما عدا حرية الإنتقال بين البلدين و توحيد الجمارك .
من هنا يمكننا ان نخلص ان قرار الوحدة هذا لو كان صادق النوايا لما تأخر كل هذا الوقت وانما كان مقدمة لحدث جلل او لأحداث كبيرة تهدف علاوة على تجذير الفرقة وتأصيل القطرية الى بث القطيعة ليس بين العراق والأردن فقط انما بين العراق وكل الدول العربية على يدي الثورة القادمة في العراق والتي لم تكن بيضاء خالصة كما كانت الثورة المصرية بل كانت دموية لتزيد التأصيل للفرقة على اساس الثأر والوحشية .
كان الإنقلاب بعد اعلان الوحدة بشهور فقط وأعدم افراد الأسرة المالكة ابناء عم الملك حسين بمن فيهم الملك فيصل الحدث وقتها في 14 تموز 58 واعلنت القطيعة بين العراق والأردن ، حتى الى ما تأصل الخلاف رأينا الملك حسين بعدها بعامين يعيد العلاقات بين العراق والأردن على اساس علاقات بين دولتين وكأن في الأمر تخطيط لشيء قادم رغم انه أقسم قبل ذلك ان يجعل في كل بيت في العراق ميتم .
لست ادري هل كانت الأوامر صادرة له بذلك ام كان هو من يعرض خدماته المجانية لليهود وحلفائهم ..؟
وبعد هذا الإعلان في عام اي عام 61 اوحي الى عبد الكريم قاسم بالخطوة التي ستعزل العراق عن الوطن العربي بشكل كامل وهي نيته ضم الكويت الى حكمه .
وبالفعل قاطعت جميع الدول العربية بما فيها النظام الناصري الداعم للثورة العراقية كما اشيع وقتها او ان الثورة العراقية هي اصلا قامت تأثرا بثورة الضباط الأحرار وبعد العدوان الثلاثي كنتيجة له ، ولست ادري ما هذا الإنفصام في شخصية الوحدوين العرب رجعييهم وثورييهم ..! فما في قرار ضم الكويت الا الغاء لحدود سايكس بيكو ، ولكن لتعلموا مدى نفاقهم وحقيقة اهدافهم التي لا تتعدى اطلاق شعارات الوحدة مع العمل الدؤوب على تأصيل الفرقة وتثبيت حدود سايكس بيكو .
بقيت اشارة الى موقف الإتحاد السوفيتي الذي كان عضوا في هذه المسرحية فحين اعلنت القوى الغربية كما هو مفروض العداء للإنقلابين على العراق ضد المعاهدين التقلديين لهم وهم ابناء الشريف كان يجب من ان توجد ذريعة كي يتوقفوا عن القيام بأي رد فعل ولم تكن هذه الذريعة الا بدعم الإتحاد السوفيتي للثورة الناشئة في العراق في حين ان هذه الثوة اول ما قامت به هو اعدام الشويعين العراقين وحظر الحزب الشويعي العراقي بغض طرف بل بإظهار دعم من راعي الشويعية في العالم الإتحاد السوفيتي وهنا يتضح لنا ان المراد والهدف من كلا المعسكرين الشيوعي والرأسمالي هو إقرار الفرقة بين ابناء العدو المشترك تحت مسمى الإستقطاب نحو قطبي العالم فكما اسلفنا ان الأوروبيين لا ينسوا ذوي مدافع الدولة العثمانية في كبرى عواصم اوروبا كذلك الروس لا يمكن ان ينسوا الفتوحات العثمانية في القوقاز والذل الذي اذله سلاطين العثمانيين لقياصرة روسيا .
بعد هذا الإستعراض في الشخصيات والمشاريع التي اسست واقعا مبنيا على اساس حدود سايكس بيكو ننتقل الى مرحلة رد الفعل الشعبي الأول على نتائج هذه المؤامرات