رام الله -معا- وقال أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس عباس"أنه لم يعد مقبولا لا على الصعيد الأخلاقي، ولا على الصعيد السياسي أن يكتفي العالم بالتعبير لفظياً عن إدانته للاستيطان، مضيفا أن الذرائع التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية لمنع الوصول إلى التعايش السلمي والسلام المنشود ما بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ذرائع واهية لا تصمد أمام الحقائق على الأرض، ونحن تجاوبنا مع كل المبادرات وكل أشكال المفاوضات ونفذنا كل ما طلب منا من التزامات".
جاء ذلك خلال افتتاح لجنة الشرق الأوسط في الاشتراكية الدولية، مؤتمرها في مدنية رام الله، بمشاركة قيادات وممثلين عن العديد من الأحزاب الاشتراكية، بحضور أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم نيابة عن الرئيس محمود عباس.
ويبحث المؤتمر الذي يعقد لأول مرة في فلسطين، بتنظيم من مفوضية العلاقات الدولية لحركة فتح، عدة قضايا منها، سبل دعم مسيرة عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية، وقضايا المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية.
وخاطب أمين عام الرئاسة الأحزاب الاشتراكية الدولية قائلا: "واثقين كل الثقة بان أحزابكم ومناصريكم والحكومات التي تقودونها في العديد من الدول ستواصل القيام بدورها بكل جدية ونشاط من اجل أن يتخلص شعبنا من الاحتلال الأطول والأقسى في التاريخ الحديث، وان ينعم أخيرا بحريته في دولته الفلسطينية المستقلة التي ستكون حتماً دولة ديمقراطية لكل مواطنيها بدون أي تمييز على أساس الدين آو الجنس، فشعبنا بعد كل التضحيات والمعاناة يستحق عن جدارة، دولة تسهم في استقرار وازدهار هذه المنطقة الهامة من العالم. وبدون ذلك أصدقكم القول فإنه لا أمن ولا استقرار في هذه المنطقة ".
من جانبه، قال السكرتير العام للاشتراكية الدولية لويس أيالا "إن هدفنا جلب الأعضاء الفلسطينيين والإسرائيليين معا ومحاورة الجميع، لالتزامنا في قضية السلام بالمنطقة".
وأضاف أن الفلسطينيين طوروا أنسفهم ومؤسساتهم في الآونة الأخير بشكل لافت للنظر، في طريق التطور والمشاركة في القرارات والخطط التي تخص الشعب الفلسطيني والمنطقة.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي مهتم جدا بمنطقة الشرق الأوسط، وكافة الأمور التي تشهدها المنطقة يوما بعد يوم، مبينا توجهات القادة الأوروبيين والرئيس الأميركي باراك أوباما التي تركز على أهمية عملية السلام في المنطقة برمتها.
وقال أيالا:" إننا نتطلع لعالم تسود فيه الديمقراطية، خاصة في المنطقة والوصول لعملية السلام الحقيقية، ونحن مصممين للوصول إليها".
بدوره، قال مفوض العلاقات الدولية لحركة فتح نبيل شعث "إن لجنة الشرق الأوسط كان لها الدور الكبير في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وتسهيل كافة الأمور لتحقيق العدالة للمنطقة بأسرها".
وأضاف شعث "أن الأوضاع الراهنة صعبة جدا وليس هناك أي تقدم في عملية السلام، ولا يوجد مفاوضات، وهناك استمرار في عملية الاحتلال، وبناء المستوطنات"، مشيرا إلى أنه من المهم الاستمرار في هذه الاجتماعات رغم أنه من الصعب الحصول على حلول لهذه المفاوضات.
وتابع "كان لنا مشاركات عديدة في هذه الاجتماعات خلال الـ25 سنة الماضية، وبالإصرار والحكمة والشجاعة نستطيع إكمال مشوارنا وليس أمامنا خيار آخر، ولا نريد أي خيار يعود بنا إلى المواجهات المسلحة، نريد أن نركز على حل سلمي ينهي احتلال إسرائيل لأراضينا.
وأوضح أن شعبنا في قطاع غزة يعاني المآسي الكثيرة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
من ناحيتها، قالت رئيسة وفد حزب العمل الإسرائيلي كوليتا فيتال "نحن ملتزمون بالسلام، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ونريد أن نكون شهداء على هذا الحدث المهم".
وأضافت "رغم أننا عشنا مفاوضات طويلة لكن لم نتوصل لي شيء، ونحن اليوم جئنا لنستمع ونتعلم، ونتطلع لأن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون بسلام جنبا الى جنب وأن نعرف ما هي إستراتيجيتكم وبماذا تفكرون، وأن نحدث تغييرات كبيرة جدا".
وقدمت مفوضية العلاقات الدولية لحركة فتح، عرضا كاملا عن الأوضاع على الأرض قبل أن تقام دولة إسرائيل حتى يومنا هذا، من استيطان، وبناء جدار الفصل، والشوارع الالتفافية التي تخنق الضفة الغربية، والحصار المفروض حاليا على قطاع غزة.
وألقى أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم كلمة السيد الرئيس وهذا نصها:
"يسعدني أن أتوجه باسم سيادة الرئيس محمود عباس أطيب التحيات إلى ضيوفنا الكرام ممثلي مختلف أحزاب الاشتراكية الدولية، والتي كان لحركة فتح شرف الانتماء إليها.
يترافق تواجدكم في فلسطين وإسرائيل مع متغيرات عميقة الجذور تحدث في منطقتنا، حيث تتطلع الجماهير لبناء الديمقراطية التي يجري عبرها التناوب على السلطة ولتتمتع مؤسساتها بالاستقلالية والشفافية والنزاهة، ونحن إذ نحترم إرادة هذه الشعوب لنتمنى لها أن تحقق أهدافها في تكريس قيم التنوير والتعددية وتداول السلطة.
ونلاحظ أيها الرفاق والأصدقاء بكل صدق وبكل أسف أن الترحيب الذي تحظى به حركة التغيير في منطقتنا، لا يلقي نفس الحماس والتأكيد عندما يتعلق الأمر بتطلع شعبنا الفلسطيني نحو حريته، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني لبلادنا.
لم يعد مقبولاً، لا على الصعيد الأخلاقي، ولا على الصعيد السياسي أن يكتفي العالم بالتعبير لفظياً عن إدانته للاستيطان، وعدم قبوله بسياسة إسرائيل بضم القدس الشرقية المحتلة وتهجير سكانها وإقامة جدار الفصل العنصري، ونشر البؤر الاستيطانية في كل أنحاء الضفة الغربية والتي يشاهدها كل زائر ويتظاهر ضدها الفلسطيني جنباً الى جنب مع قوى السلام الإسرائيلية.
نعتقد أن الذرائع التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية لمنع الوصول إلى التعايش السلمي والسلام المنشود ما بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ذرائع واهية لا تصمد أمام الحقائق على الأرض. فلقد تجاوبنا مع كل المبادرات وكل أشكال المفاوضات ونفذنا كل ما طلب منا من التزامات.
فباسم الأمن تريد الحكومة الإسرائيلية استمرار احتلالها وسيطرتها على أكثر من نصف الضفة الغربية وتشمل تواجد الجيش الإسرائيلي على طول نهر الأردن، وعلى المرتفعات في الضفة الغربية، وعلى القدس كلها شرقها وغربها في حين أن المدخل الحقيقي للأمن يوفره السلام الذي يؤدي إلى التعايش ما بين دولتي فلسطين وإسرائيل والشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.
ومن الذرائع الإسرائيلية أيضاً أن اتفاق المصالحة الفلسطيني هو عقبة أمام السلام، في حين أن هذا الانقسام نفسه كان ذريعة لليمين الإسرائيلي حيث كانوا يرددونه في واشنطن وشرم الشيخ والقدس بأنهم لايعلمون مع من يتفقون ومع من سيتوصلون الى السلام.
واسمحوا لي أن أوضح بهذا الشأن بان اتفاق المصالحة الذي تم التوقيع عليه من قبل مختلف الفصائل الفلسطينية في القاهرة ينص على تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة برنامجها السياسي هو برنامج الرئيس الذي تعود إليه مسؤولية المفاوضات كونه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت كل الاتفاقيات السابقة مع دولة إسرائيل منذ اتفاق أوسلو، والتي تعود لها وحدها مسؤولية المفاوضات.
أما المهمات الأخرى للحكومة الفلسطينية التي ستتشكل بموجب اتفاق المصالحة،فهي رفع المعاناة عن الشعب في غزة، وتولي الشؤون الحياتية الفلسطينية، والإعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني خلال عام.
والذريعة الأخرى وليست الأخيرة للحكومة الإسرائيلية، لتعقيد الأمور، فهو مطالبتنا وحدنا بأن نعترف بإسرائيل دولة يهودية، مع إنها وقعت معنا اتفاق أوسلو باسم دولة إسرائيل وسفاراتها في الخارج بهذه التسمية وهي عضو في الأمم المتحدة باسم إسرائيل، وما يقرب من ربع شعب إسرائيل ليسوا يهوداً... إن هذا الطلب يعيد إثارة الشكوك مجدداً حول الترانسفير إضافة إلى إسقاط قضية اللاجئين من على طاولة مفاوضات الوضع النهائي قبل أن تبدأ.
الرفيقات والرفاق، والأصدقاء الأعزاء،،،
إن الأكثرية الساحقة من دول العالم، ومنظماته السياسية والنقابية وغيرها، تؤيد حل الدولتين، وعلى أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلت عام 1967 مع إمكانية تبادل أراض بنسب محدودة وشرط عدم المساس بالتواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية أو تحويلها إلى كانتونات، وضمان أن تكون القدس الشرقية عاصمتها وان يستند حل قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى مضمون ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 1515 ومبادرة السلام العربية: حل متفق عليه ويستند إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
إنه يمكن على هذه الأسس التي أقرتها الأمم المتحدة واللجنة الرباعية الدولية والتي تؤكد عليها دول الاتحاد الأوروبي وخاصة في البيان الصادر في 2/5/2011، أن تبدأ مفاوضات ويكون لها جدول زمني محدد بعد ما يقرب من عشرين سنة من المفاوضات بلا نتيجة وتترافق مع التجميد التام للاستيطان لأنه يقضي على حل الدولتين.. ولأنه من الأساس غير شرعي.
خيارنا هو المفاوضات على أساس المرجعية التي تطالب بإنهاء الاحتلال الذي وقع عام 1967، وليس مقبولاً منطق الحكومة الإسرائيلية واليمين الإسرائيلي الذي يطالب بإجراء مفاوضات نقول عبرها ما نشاء على الطاولة ويفعلون ما يشاءون من فرض الوقائع بالإستيطان على الأرض....
أما إذا أغلقت كل الأبواب أمام مثل هذا الحل الذي نتطلع مع قوى السلام الإسرائيلية لتحقيقه، فمن الطبيعي أن نتوجه إلى الأمم المتحدة وأن نحتكم للعالم، لا لنقوم بإجراء أحادي الجانب، وإنما لنترك للدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تعبر بشكل جماعي عن قرارها بشان الاعتراف بدولتنا على حدود عام 1967، مدركين بان عضويتنا الكاملة بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن الدولي، لا يعيقه استعمال إحدى الدول الدائمة العضوية لحقها في استعمال الفيتو. وبهذه الطريقة لا ننزع الشرعية عن إسرائيل بل نثبت حدود الدولتين وحقنا في الحياة والعيش بكرامة مع جيراننا.
ستبقى يدنا مفتوحة من اجل السلام، واثقين كل الثقة بان أحزابكم ومناصريكم والحكومات التي تقودونها في العديد من الدول ستواصل القيام بدورها بكل جدية ونشاط من اجل أن يتخلص شعبنا من الاحتلال الأطول والأقسى في التاريخ الحديث، وان ينعم أخيرا بحريته في دولته الفلسطينية المستقلة التي ستكون حتماً دولة ديمقراطية لكل مواطنيها بدون أي تمييز على أساس الدين آو الجنس، فشعبنا بعد كل التضحيات والمعاناة يستحق عن جدارة، دولة تسهم في استقرار وازدهار هذه المنطقة الهامة من العالم. وبدون ذلك أصدقكم القول فإنه لا أمن ولا إستقرار في هذه المنطقة .
أشكركم على إهتمامكم وحسن إستماعكم ودعمكم للسلام في المنطقة والعالم."