حماس في السلطة
مرحلة الانتخابات وما قبلها
اذا بدأ التغير في النهج الحمساوي وكان أول بركات هذا التغير ان وافقت حماس على دخول الإنتخابات، وهذا طبعا بالتشجيع الإيراني والتحريض الأمريكي عن طريق عباس ودحلان وذلك بالايحاء ان القضية على ابواب حل واذا ما اقر هذا الحل فسيعرض على الاستفتاء ،وعن طريق إظهار ممانعة امريكا واسرائيل لدخول حماس السلطة ،ولا اريد ان أقول ان هذا ما امر به مشعل فاتخذ القرار وجمّله ،وساهمت فتح في ذلك عن طريق عملائها الذين اشاعوا الفوضى في غزة عن طريق الأمن الوبائي وقائده دحلان، واللذين شكلوا فرقا عرفت في غزه بفرق الموت وكأنها تدعوا الناس الى ضرورة التغيير وفي نفس الوقت تُسرب المعلومات عن من باعوا الإسمنت من رؤساء الحكومات الفلسطينية لليهود ،ويعلن صراحة عن اسماء من ترتضيهم امريكا ليكونوا قادة في فلسطين، اي تسمية علنية لإسماء العملاء أمثال محمد يوسف دحلان وغيره ،وانتشار امور غريبة على المجتمع الغزي بفعل عصابات محمد دحلان كانتشار الجرائم وتجارة المخدرات وفي ذات الوقت توسعة الهوة بين تياري فتح اللذين بدأوا بالظهور بعد موت عرفات.. تيار يدعوا الى الثبات على نهج فتح القديم وهو كتائب شهداء الاقصى وبعض القيادات الشابة ....وتيار العمالة والخيانة بزعامة دحلان وعباس والذي بدأ في الضعف والتهلهل، فكان لا بد من جمع هذه التيارات تحت قيادة العملاء وتقليل نفوذ صوت الوطنية الفتحاوية ،بالذات ان التيار الوطني في فتح فقد الأمل في الوعود الذهبية التي ستأتي بها المفاوضات وشعر بغدر اليهود وعملائهم بعد اغتيال عرفات ،وهنا كانت الطريقة الأمثل حسب رأي العملاء والسادة في تل ابيب ،ان يشعر هؤلاء بالخطر الحقيقي على نفوذهم وان القضية ستخرج من ايديهم الى ايدي حماس، التي تعتبرهم كفار وتطرح نفسها كبديل كامل عنهم يقصيهم بل وينتقم منهم لما كان في الماضي من اعتقالات وتعذيب للحمساويين على ايدي فتح، وكان منظر هذا المشروع ومثبته في اذهان الفتحاويين هو خالد مشعل وابراهيم حمامي الذي راح ينادي بدفن منظمة التحرير بدلا من اصلاحها ،وبالتالي استعدى حتى المنتقدين للمنظمة وجعلهم يتمسكون بوضعها الحالي رغم عدم رضاهم عنه ،وذلك حفاظا على هذا الكيان المراد هدمه كما يوحي التوجه الإعلامي الحمساوي بعد ان وفرت طرق الفوز لحماس في الإنتخابات بأغلبية تفوق حجم حماس في الشارع الفلسطيني.
هنا عاد التيار الوطني في فتح ادراجه وانقسموا بين محبط من افعال حماس ومدافع عن عباس ودحلان ،رغم عدم رضاهم عنه كرد فعل لأن البديل الحمساوي اظهر نفسه بديل فصائلي لا وطني ولا قومي ولا حتى اسلامي ، وهكذا بدأت الأصوات العاقلة في الذوبان .
اذا صورة الوضع الفلسطيني كانت كما يلي في هذه الفترة
1- انفلات امني في غزة بفعل دحلان واعوانه، جعل الحياة في غزة لا تطاق وانتشار الجريمة وتجارة المخدرات مما جعل الناس وحماس تنادي بضرورة التغيير والإصلاح وهو الإسم الذي اطلقته حماس على جبهتها لخوض الإنتخابات.
2- وضع فتحاوي منقسم بين مؤيد للوضع الحالي وداعي الى التغيير مماجعل شياطين السياسة الغربية واليهودية يخشون من غلبة التيار الوطني في فتح على العميل، وبالتالي العودة بها الى قيادة النضال الفلسطيني وتوحيد الفصائل خلفها لخوض معركة التحرير، واسقاط خيار التفاوض، وتصفية العملاء.
3- قيادة جديدة في حماس تدعوا الى اقصاء الآخر في تصريحاتها من الصف الثاني ،وحملات إعلامية تؤكد هذا رغم نفي القادة، مما دفع بالمنادين بالإصلاح داخل فتح والمنظمة الى
التمسك بهما رغم الاخطاء التي يعترفون بها ويقاومونها، وذلك خشية على هذين الكيانين من الزوال ،وخصوصا ان حماس لا تطرح بديلا وطنيا او قوميا او اسلاميا بل تطرح حماس كفصيل ،وهذا يظهر في السلوك الحمساوي على الأرض على مستوى الأفراد والقادة المحليين .
4- ايحاء يهودي انها لا يمكن ان تقدم شيئا لأحد دون ان يكون مقبولا من شعبه ،وبالتالي يلزم شعبه بما توصل اليه من ما دعى ايضا الى زيادة الفجوة بين المنادين في الإصلاح في فتح وتقليل عددهم ،بل اقصاء المتشبثين بوطنية فتح بعد عودة الكثير الى الإصطفاف خلف عباس كضرورة مرحلية رغم عدم رضاهم عنه، ومن الذين تم اقصائهم فاروق القدومي وهاني الحسن وهم من مؤسسي فتح.
5- تصوير محمد دحلان انه الوحيد القادر على جمع فتح واعادة تنظيمها حتى من قبل معارضيه داخل فتح ،وذلك لضعف عباس وسجن البرغوثي وابعاد بعض قيادات الصف الثاني.
6- تغييب اي صوت للعقل في اي من الطرفين بالحملات الإعلامية المسعورة من كلا الاطراف .
في هذه الظروف اصر عباس على اجراء الإنتخابات التشريعية في موعدها رغم دعوات الكثيرين له بتأجيلها ،وذلك ايضا كضرورة ليبرر بها منظريه ما هو قادم بعد ذلك من تصرفات هذا الحريص على الديمقراطية والنزاهة.
وفي هذه الظروف دخلت حماس الإنتخابات لتكون النتيجة حتمية لصالحها.
وفي هذه الظروف بدأت فلسطين مرحلة جديدة ومعاناة جديدة هذه المرة بأيدي ابنائها لا من غدرها من قبل من الأشقاء واللاصدقاء.
اوردت كل ذلك لأبين ان حماس تعذر اسقاطها بالبيع والشراء والإغراء ،ففتح لهم شياطين الكفر ابوابا للخير كي يسقطوا من خلالها، فالتغيير كان ضرورة ....والأمن ايضا ضرورة ...والتلويح بمشاريع حل نهائي يخيف حماس والفلسطينيين من ان يكون تفريطا كاملا ببلادهم ،وبالتالي يجب ايقافه من خلال البرلمان بدلا من اللجوء للقتال .
هكذا اريد لحماس ان تسقط وتبدأ في خط التنازل عن طريق خطوة من خطوات الشيطان وهو امتلاك السلطة لحماية الجهاد والمقاومة والشعب، او على الأقل لتعطيل مشاريع تصفية القضية، وما علمت حماس ان هذا سيكون أول طريق الإنحدار في درب شياطين السياسة ربما لينتهي الامر بها كما انتهى بفتح من قبل ويصل الى حد الاعتراف باسرائيل او ربما كما وصل بمن اغتصبوا فتح وبالذات بعد عرفات ويصبحوا مدافعين عن اسرائيل هذا كله وغيره يمكن ان يحدث بمجرد ان يدخل الانسان في تيار الانحدار ولو عن طريق ابواب للخير يراها في هذا الطريق